خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

المنسف

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
أ.د. محمد الرصاعي

تم مؤخراً إدراج المنسف الأردني على لائحة التراث العالمي غير المادي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» بعدما قدمت البعثة الأردنية الدائمة ملف «المنسف في الأردن: وليمة احتفائية ودلالاتها الاجتماعية والثقافية»، وقد جاء إدراج المنسف كونه يمتلك دلالات اجتماعية وثقافية في المجتمع الأردني، إلى جانب أنه تعبير عن قيم اجتماعية عديدة تميز بها المجتمع الأردني كقيم الكرم، والضيافة، كما أن للمنسف أصولاً وأدابًا في تناول الطعام يُجمع عليها الأردنيون ويحرصون على التقيد بها، ويدخل المنسف شريكاً ورفيق?ً ملازما لتفاصيل حياة الأردنيين في أفراحهم وأتراحهم وفي حياتهم الاجتماعية وحتى السياسية. ويرافق إعداد طعام المنسف وتقديمه طقوساً يستمتع الأردنيون بممارستها بدءاً من حرصهم على دعوة الأحبة والضيوف والأعتزاز بتكريمهم وإحاطتهم بهالة من الترحيب وحفاوة الأستقبال، وإظهار السعادة بضيافتهم، وإنتهاء بعبارات الشكر والدعاء لصاحب الدعوة أو «المعزب» بسعة الرزق والخير الوفير.

لا يزال المنسف كما يرى ناهض حتر وأحمد أبو خليل في كتابهما «المعزب رباح» ذلك الطبق البسيط من لحم الخروف أو الجدي المطهو باللبن المخيض أو بمريس الجميد مع جريش القمح المفلفل بمرق اللحم والسمن، وقد حل محله اليوم الأرز المفلفل المزين بالمكسرات، ولكنه ليس مجرد طبق، بل هو تكثيف ثقافي لشخصية شرق الأردن الاقتصادية والاجتماعية، ففي هذا الطبق المبجل تقليديا كطعام ذي رمزية ثقافية، يتحد عالمان، عالم البداوة المستقرة (ومنه لحم الضأن ومريس اللبن الجميد والسمن) وعالم الفلاحة البعلية (عويص الشراك وجريش القمح أو البرغل أو ا?فريكة).

وبخلاف معظم الوجبات والأطباق الشعبية استطاع المنسف الصمود في وجه التغيرات التي طالت ثقافة الطعام التي تفرضها العولمة، وبقي هو الوجبة الرئيسة في طعام الأردنيين، وفي ذات الوقت تكيف المنسف مع هذه التغيرات وسايرها من حيث إمكانية تناوله بطرق عدة قد يفضلها البعض بخلاف المعتاد وهو تناوله بأصابع اليد مباشرة، كما تحول المنسف بشكل كبير من احتوائه على الجريش إلى الأرز، وأصبح يمكن أن يتزين بالمكسرات، أو أن يرافقه بعض المقبلات.

رغم نجاح بروتوكولات الطعام القادمة من الغرب المتحضر في التأثير على عادات الطعام والشراب في مجتمعاتنا لا يزال المنسف جامعاً للأردنيين على طبق واحد، يزيد بهجة أفراحهم، ويواسي جراحهم وانكساراتهم في الأتراح والأحزان، ويعزز تجاوزهم للخلافات ويدعم تصالحهم، كما أصبح مصدراً لفخرهم بين بقية الشعوب، حتى غدا جزءاً بارزا من هويتهم الثقافية في كل مكان يذهبون إليه، وشاهداً على كرمهم وطيبة قلوبهم.

[email protected]

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF